ذات صلة

تقرير | نكبة 11 فبراير.. طعنة قاتلة في خاصرة النظام الجمهوري وبداية دخول اليمن نحو نفق مظلم

نكبة 11 فبراير.. طعنة قاتلة في خاصرة النظام الجمهوري وبداية دخول اليمن نحو نفق مظلم

#نيوز_ماكس1

وجهت نكبة 11 فبراير من العام 2011 طعنة قاتلة في خاصرة النظام الجمهوري باليمن، حين استهدفته بشكل مباشر عسكرياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً، وفق مخطط وتمويل دولي وإقليمي عبر أذرعه في البلاد التي تصدرتها جماعة “الإسلام السياسي”، لتعيد حياة نحو 30 مليون نسمة ردحاً من الزمن، بحسب مختصين وخبراء.

ففي الوقت الذي كان اليمن يحاول الخروج من دائرة بلدان العالم الثالث، بواسطة نظام حكم رشيد أسس مداميك الديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة برلمانياً ورئاسياً عبر صناديق الاقتراع، في خطوة تسيّدت دول المنطقة، وحظيت بإشادات دولية، بعد أن مهّد لها بصناعة جيل تسلّح بالعلم في مئات المدارس والجامعات والمعاهد الفنية والتقنية… وغيرها، بعد أن استبد به وعزله الحكم الكهنوتي المستبد لأسرة “حميد الدين” عقوداً من الزمن.

كان ذلك بالتوازي مع بناء مؤسسة عسكرية وأمنية على أيادي خبرات عالية محلية ودولية، رافقها تنمية شاملة في مختلف القطاعات، وهو ما أزعج قوى دولية وإقليمية منذ وقت مبكر لتعمل على تفقيس جماعات “الإسلام السياسي” تمثلت بجماعة “الإخوان المسلمين فرع اليمن” ومليشيا الحوثي ذراع إيران في البلاد، والأولى قادت ما أطلق عليها آنذلك محللون سياسيون “الفوضى الخلاقة” في فبراير 2011م.

خبراء عسكريون، قالوا ، إن 11 فبراير شكّل نكبة قاتلة للبلاد، حين استهدف بشكل مباشر مؤسسات الدولة وأصاب القطاعات الاقتصادية والتنموية بشلل تام في فترات متسارعة.

وأرجع الخبراء أسباب ذلك إلى صراع قوى النفوذ التي ارتكزت في مفصليتها على فكرين دينيين نقيضين لبعضهما، بعكس ما يسوقانه للعوام والبسطاء، الأول، جماعة الإخوان المسلمين وخلفها وقفت أنقره والدوحة، والآخر مليشيا الحوثي وخلفها طهران وحزب الله اللبناني، وكلاهما يكن عداءً شديدا لبعض، إلا أنهما يدركان أن شوكة طريقهما الأساسية هي المؤسسة العسكرية والأمنية ذات التركيبة الوطنية، التي بُنيت على ثاني أهداف الثورة الأم 26 سبتمبر 1962م، لذا أجمعا على هدم ثاني أركان الثورة عبر “هيكلة الجيش” ليتسنى تفكيك بقيتها.

ويصف الخبراء، العلاقة بين الجماعتين بـ”علاقة ثورية غير شرعية”، مؤكدين على أن ذلك ما دفعهما للسباق نحو بناء قوى عسكرية موازية ذات أيديولوجيا دينية وعقائدية لتضمن ولاءها، أفرز عنها صراع نفوذ، ظهرت آثاره منذ الأيام الأولى للنكبة في ساحة الاعتصام أمام جامعة صنعاء، تطور -لاحقا- إلى عنف مسلّح مفرط شهدته صعدة وعمران وحتّى أطراف مأرب والجوف مع العام 2014م، وصولا إلى إفراز تلك “العلاقة المشبوهة” مولودا مشوها أخلاقيا، في 21 سبتمبر من العام نفسه. وهي العلاقة التي يدفع ملايين اليمنيين تبعاتها حتى اللحظة.

ذلك العنف استخدمته أطراف النكبة ضد نظام الحكم قبل الإفراط في خلافاتهما ضد بعض لاحقا، لأسباب تعود إلى تركيبتهما المتعارضة ضد بعض وأيضا ضد آمال الشعب.

انهيار اقتصادي

إلى ذلك، يؤكد محللون اقتصاديون لوكالة خبر، أن الاقتصاد الوطني لم يكن بمعزل عن إفرازات تلك النكبة حيث تعرض لأكبر خسارة خلال الأربعة العقود الأخيرة، حينما سارع المستثمرون بمغادرة البلاد وبدأ أصحاب رؤرس الأموال المحلية بحد استثماراتهم وسط افتعال شركاء النكبة فوضى أمنية اعتبروها حلا لإسقاط منظومة الحكم، مستغلين نفوذهم في تلك المنظومة التي كانوا يمثلون أحد أركانها، مؤسستها العسكرية والأمنية.

وخلال السنوات الأربع من النكبة ارتفعت قيمة شراء الدولار الأمريكي من 215 إلى 450 ريالاً، في حين قفزت مع انتهاء عقدها الأول إلى 1700 ريال، بنسبة زيادة تجاوزت 700% وهي ذات الزيادة التي شهدتها أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية، في تعارض كبير مع الأحلام الوردية التي رسمتها تلك الجماعات.

ووفقاً لتقارير دولية، بسبب الانهيار الاقتصادي المستمر وانعدام فرص العمل وانقطاع الرواتب فضلا عن فقدان قيمتها أمام استمرار الانهيار، تسرّب آلاف الطلبة من الصفوف الدراسية واضطرت مئات الفتيات والنساء للعمل بالأجر اليومي في الشوارع وأمام المحلات، ما جعلهم عرضة للتحرش والاستغلال النفسي والجسدي. علاوة على تسجيل عشرات حالات الانتحار سنويا تضاعفت مؤخرا في مختلف مناطق البلاد.

في حين نال التعليم نصيب بعد أن تعطل التعليم المتعمد في أغلب مدارس وجامعات البلاد عبر معلمين وأكاديميين وطلبة ينتمون إلى تلك التنظيمات، حد استخدامها العنف ضد المدارس والكليات التي تفتح أبوابها للطلبة، كان في مقدمتها جامعة صنعاء، إحدى أعرق جامعات الوطن العربي، عزز ذلك من مفاهيم الانتقام والحقد بين أبناء الشعب الواحد، تضاعفت الوتيرة من عام إلى آخر مع استمرار حدة وتنامي الصراع والفوضى. بحسب أكاديميين يمنيين.

صناديق الاقتراع

ويرى الكاتب والمحلل السياسي ناجي بابكر، أن آثار أحداث فبراير أصبحت كارثية، بعد تدمير استهداف أهم مؤسسات الدولة “العسكرية والأمنية”، مرجعا ذلك إلى تركيبة تنظيمات جماعة الإسلام السياسي المبنية على انعدام الثقة بالآخر، بمن فيه الشعب الذي ترفع شعارات زائفة باسمه.

وأضاف بابكر، في تصريح لوكالة خبر، إن ذلك يسبب لها التآكل سريعاً، مستشهدا على ذلك بتهاويها في مصر وتونس، مشيرا إلى أن “إطالة عمرها في اليمن يعود لوجود مكونين من ذات الفصيل الديني مع فوارق في المعتقدات، كل منهما يدرك أن نهايته بداية نهاية الآخر”.

ولذلك يرى بابكر، أنه من مصلحة كل منهما أن يبقي الآخر ولكن بقوة أقل.

مضيفا، “كانت تلك اللبنة الأولى لمشروع يجر البلاد نحو نفق مظلم فشلت التحذيرات الواسعة منه الضخ الإعلامي والمالي الذي استغل شريحة الفقراء للاحتماء خلفها، سرعان ما تخلوا عنها في أول يوم انقلب فيه الحليفان على بعض”.

وأكد بابكر، أن تعافي الوطن من آثار النكبة رهن عدة إصلاحات، الاحتكام لصناديق الاقتراع لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حجر زاويتها، بعد بناء جيش ذي أسس وطنية خالية من الحزبية والطائفية والمناطقية، من شأنه الإسهام في حماية اتفاق سلام شامل برعاية عربية وأممية.

ويجمع مراقبون ومحللون سياسيون على أن إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية هي الحل الضامن لانفراجة الأزمة اليمنية وما خلفت من أضرار نفسية واقتصادية واجتماعية.

spot_imgspot_img