ذات صلة

اثوار عمياء تناطح بعضها…!؟ تعرف عليها

اثوار عمياء تناطح بعضها

فكري قاسم
………
حالنا في اليمن يصعب على الكافر والمسلم والبوذي والملحد، وما فيش في بلادنا الكسيرة هذه جهة أو جماعة معينة يمكن الاعتماد عليها في سبيل الخلاص مما وصلنا إليه، كلهم في الهوى طراطير ولا أعرف تحديداً ما الذي بوسعه أن يجمعنا ثانية وقد أصبحنا بفضل مناطحة الثيران الهائجة والعمياء أشتاتاً بلا جامع وبلا حامل وطني واحد بوسعه أن يؤلف بين قلوبنا المجروحة والمجعوثة من جديد.
حتى على مستوى الحارة الواحدة والبيت الواحد والحزب الواحد والمدينة الواحدة والمهنة الواحدة، صرنا أشتاتاً ومعد فيش بيننا كشعب لا انسجام ولا تفاهم ولا أحد طايق أحد، وكل جماعة تعتقد أنها الحق وأن الآخر هو الباطل وعلى هذا الرحيل تمضي بنا الحياة الى الزوال ببطء.
في الشمال وفي الجنوب وفي كل شبر على الأرض اليمنية المستباحة، على السواء، أصبحنا مجرد أثوار هاجة تناطح بعضها في سبيل إيش؟ والله ما لي علم. كل الذي أعرفه الآن أننا أصبحنا أمة تنهش بعضها وتأكل لحم أخيها ميت وحي ومغمى عليه أيضاً.
الحكومة «الشرعية» في الرياض منقسمة على بعضها وتخوض صراع العميان. «التحالف» الذي يقول إنه يخوض حرب «تحرير اليمن»، هو الآخر منقسم على بعضه بين السعودية والإمارات و«قطر الصغيرة».
«التحالف المؤتمري الحوثي» الذي قال مرة إنه يحمي البلد من العدوان الخارجي، هو الآخر انقسم على بعضه وكل جماعة تتهيأ لابتلاع الأخرى.
«المؤتمر الشعبي العام»، الحامل الوحيد للمشروع الوطني من وجهة نظري، هو الآخر أصبح منقسماً على بعضه في الداخل وفي الخارج.
الجنوب منقسم على بعضه، تعز التي تواصل منذ ثلاث سنوات «عملية التحرير»، هي الأخرى منقسمة على بعضها في جماعات تسعى كل منها لابتلاع الأخرى والحصار يطبق على أنفاسها.
«جيوش التحرير» في مناطق النزاع هي الأخرى منقسمة بين إخواني وسلفي وما تيسر من ما يمكن تسميته بـ«جيش وطني» ينمو وسط قيعان مليشاوية.
وعلى مستوى الأحزاب السياسية أيضاً، «الإخوان» الذي في مأرب غير «الإخوان» الذين في تعز والبيضاء. وغير «الإخوان» الذين في الرياض وغير «الإخوان» الذين في قطر وتركيا. و«المؤتمر الشعبي العام» الذي في الخارج هو غير «المؤتمر الشعبي العام» الذي يرزح في المناطق التي تحت سيطرة «الإنقلابيين الحوثيين»، وهو أيضاً غير «المؤتمر» الذي يعيش في مناطق سيطرة «الشرعية» المقيمة في فنادق الرياض.
صراع عميان طويل وبلا ملامح وبلا كوابح وبلا أهداف واضحة غير مزيد من التقزم أمام العالم الذي لم يعد يحترم أي طرف من كل تلك الأطراف المتصارعة في بلد يسكنه 25 مليون مواطن يمني ينتظرون الخلاص وما فيش عاقل ولا كبير ولا جار طيب ولا صديق حميم يمكن الاعتماد عليه.
اعقلوا وصلوا عليه يا خبرة… إحنا في حنبه كبيرة ومدمرة للطاقات، ومعاناة الشعب اليمني اللي جالسين تتناطحوا عشان تحكموه بالقوة، فاقت الحد المعقول وأصبحنا شعب واهن وضعيف.
لقد أصبحنا ملطشة في الداخل وفي الخارج، ولن تكون هناك حلول في القريب العاجل، على الأقل، مادام واحنا قد أصبحنا في هذه الحياة الغبراء مجرد أثوار هائجة وعمياء تناطح بعضها لتصير مادة جيدة لخبر عاجل في الفضائية هذه وفي القناة تلك.
صلوا عليه يا خبرة واعقلوا، وقبل أن نطالب العالم أن ينظر إلى قضيتنا ويحلها، علينا نحن أولاً أن ننظر إلى حالنا المشعبك والملخبط والمخنث وابن الكلب، وقالوا في المثل: «ما يحك لك إلا ظفرك».
……………..
موقع العربي

spot_imgspot_img