ذات صلة

قصصا مشحونة بآهات ومعاناة أصحابها | الحديدة مدينة تصرخ من جرائم الحوثي.. وأهلها يفرون من ظلم المليشيات إلى محنة النزوح

الحديدة مدينة تصرخ من جرائم الحوثي.. وأهلها يفرون من ظلم المليشيات إلى محنة النزوح

 

 

#نيوز_ماكس1 :

نحو 3 آلاف نازح فروا من محافظة الحديدة غربي اليمن؛ هربا من جرائم وانتهاكات الحوثي، وبحثا عن ملجأ يحميهم من شرور المليشيات الانقلابية في مخيم “الشوكاني” بمحافظة لحج.

المخيم الذي يمتد على مساحة 17 ألف متر مربع، يراكم في خيامه المصنوعة من القماش، قصصا مشحونة بآهات ومعاناة أصحابها ممن فروا من نيران الحوثي إلى محنة النزوح.

في طريق فريق “العين الإخبارية” إلى المخيم، بدت جوانب الممر الرملي الممتد مقفرة خالية من معالم الحياة، شبيهة بصحراء تجتر أيامها الرتيبة الخالية من آثار الوجود الإنساني، قبل أن تظهر من بعيد خيام النازحين.

لوهلة، خيّل إلينا أن الخيام مهجورة، قبل أن ترصدنا أعين أطفال صغار انزووا بين الخيام يحاولون ابتكار وسيلة للعب، واستبدلوا نظرة استغراب طفت سريعا على ملامحهم بابتسامة مرحبة، قبل أن يسرع عدد منهم لإخبار أسرهم بوجود “غرباء” بالمكان.

“الحوثي هجرنا من ديارنا”

“آمنة”.. نطقت اسمها الأول مفضلة عدم ذكر هويتها كاملة، خوفا على أقاربها الذين لا يزالون في الحديدة، حيث يمكن أن يطالهم انتقام الحوثي، قبل أن تسترسل متحدثة عن محنتها.

“قبل 9 أشهر، هربنا من مدينة الحديدة إلى هنا، بسبب الاشتباكات والقتال، وبسبب الحوثيين الذين حاولوا أن يخرجونا من منازلنا.. لقد دخلوا منازلنا ما اضطرنا للهروب”.

وبنبرة مليئة بالأسى، تابعت “آمنة”: “الحوثيون استخدمونا دروعا بشرية، وجندوا أولادنا واختبأوا في منازلنا”.

“أي بيت فيه أكثر من ثلاثة أو أربعة شباب، يأخذون منهم اثنين ويجبرونهما على الانضمام إليهم، عبر إغراءات بمشروعات تعينهم على الحياة”، كما قالت “آمنة”.

جرائم الحوثي لم تقتصر على تجنيد الشباب واستخدام الأطفال دروعا بشرية، وإنما “غيروا أيضا المناهج التعليمية وأدخلوا الأسلحة للمدارس”، وفق النازحة من مدينة الحديدة.

حمام الدماء لم يترك من حل أمام آمنة وأسرتها سوى الهروب إلى لحج، قائلة: “جئنا مجبرين إلى هنا، بسبب الضغط الذي تعرضنا له”.

غير أن جحيم الحوثي في الحديدة، أعقبه جحيم ومعاناة من نوع آخر في المخيم، قائلة: “ظروفنا صعبة.. نحن نعاني هنا، ولكن ما باليد حيلة”.

أما حكاية “بسمة” فلا تختلف تفاصيلها عن قصة آمنة، ذات الدوافع والمصير، “هربنا من الحديدة بسبب الحوثيين.. استهدفونا بالرصاص والقذائف”.

وتابعت “بسمة”: “هربنا من بيوتنا بلا ملابس.. تعذبنا كثيرا.. نريد أن نعيش فقط.. الحوثيون حرموا أولادنا من الدراسة بعد أن دخلوا المدارس وحولوها إلى ثكنات”.

غير أن الهروب إلى المخيم، وإن أنقذ هؤلاء النازحين من رصاص الحوثي، إلا أنه فتح أمامهم مأساة من نوع آخر.

“نعيش أوضاعا صعبة هنا في المخيم”، تضيف بسمة: “وأولادنا لا يمتلكون الملابس الكافية، كما أنهم يتزاحمون وقت النوم من أجل الحصول على طرف غطاء”.

“أم معين” سيدة تسعينية تختزل تجاعيد وجهها محطات حياتها المتعبة، وتشي قسماتها بهول ما عايشت مؤخرا، تقول: “هربتُ من الحديدة بسبب الحرب والاشتباكات”.

وبذات النظرة المرتجفة، تضيف: “منزلنا كان قريبا من مدرسة فيها حوثيون. كانوا يخزنون فيها الأسلحة.. خفنا وهربنا من المكان”.

وفي طريقها إلى لحج، تعرضت “أم معين” لإطلاق نار في ساقها، في إصابة لم تشف منها حتى اليوم.

وختمت حديثها بالتأكيد على صعوبة أوضاع النازحين بالمخيم، مناشدة المنظمات المحلية والدولية تأمين الدواء والكساء والأكل، ورددت هامسة “نحتاج إلى الكثير”.

“التحالف العربي خفف معاناتنا”

الشيخ علي بن عبدالله الضبياني، رئيس مؤسسة الشوكاني، هو الذي تبرّع بالأرض ليقام عليها مخيم النازحين، في لمسة ترجمت روح التضامن بين أهل البلد الواحد بمواجهة الانقلاب الحوثي، وحفاظا على عروبة البلد أمام المد الشيعي الذي يتهددها عبر المليشيا الموالية لإيران.

الضيباني قال لـ”العين الإخبارية”: “نحن أمة مسلمة، وديننا يحتّم علينا التعاطف والتراحم والإحسان إلى الفقير”، خصوصا أن “النازحين أصبحوا في غربة عن الديار وبحاجة للمأوى”.

ولفت إلى أن التبرع لا يعد أول أعمال مؤسسة الشوكاني الخيرية، وإنما تنشط في هذا المجال الإنساني منذ 25 عاما.

وأوضح الشيخ الضيباني أن “النازحين كانوا تحت الأشجار وفي الشوارع، أحضرت 2200 خيمة، منها 500 في الخوخة و500 هنا في لحج وأخرى في محافظة أبين”، قبل أن نستقبل هذه الأسر بشكل تدريجي، معربا عن شكره لـ”دول التحالف العربي على دورها الملموس في مساعدة الشعب اليمني”.

الحديدة.. مدينة تصرخ من جرائم الحوثي

انتهاكات وجرائم يتعرض لها سكان الحديدة من قبل مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران.

فعلاوة على الحصار وافتعال الأزمات المعيشية وإخفاء المواد الغذائية والوقود، يرهب الانقلابيون السكان باستخدامهم دروعاً بشرية، وتحويل الأحياء السكنية إلى ثكنات عسكرية.

ووفق تقديرات صادرة عن منظمات دولية، بلغ عدد النازحين، منذ العام الماضي، من محافظة الحديدة نحو 150 ألفا.

ويقدر عدد سكان محافظة الحديدة بنحو 3 ملايين نسمة، فيما يصل عدد مدنها الثانوية إلى 26 مديرية، فضلا عن مئات القرى.

وللحديدة موقع استراتيجي، إذ تحتضن أهم ميناء في اليمن، والذي يزود البلاد بما نسبته 80% من السلع والبضائع، فضلا عن استقباله سفن الإغاثة والمساعدات الإنسانية القادمة من خارج اليمن.

تقول تقارير أممية إن قرابة 4 ملايين شخص في اليمن نزحوا بسبب خوفهم من الصراع الدائر في البلاد منذ ما يزيد على أربعة أعوام، كما يعيش النازحون أوضاعاً إنسانية صعبة.

spot_imgspot_img