ذات صلة

خطوط حمراء … كوميديا سوداء !

خطوط حمراء … كوميديا سوداء !

وضحى مرشد  –

يقول المثل الشعبي ” لا تهجي ال …. تهجيك وترد مافيها فيك ”
الحكاية بدأت بتذمر من بعض الحوثيين أنفسهم من محاولة الإيقاع بهم من قبل أطراف حوثية أخرى بإرسال فتيات يطاردنهم بالسوشل ميديا وحتى بالواتس مهما غيروا ارقامهم ، ثم صدر تقرير للمنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر عن سجون خاصة لقيادات حوثية في المباحث وعن توثيق قصص ضحايا اغتصاب وابتزاز وتجارة جنس، ثم موجة تنديدات يمنية و دولية ومن بعدها سمعنا عن مصطلح حوثي جديد “الحرب الناعمة” ليفجر اغبى واوقح تصريح تاريخي بأنه تم القبض على شبكات دعارة تخدم العدوان ومن برامج تلفزيونية إلى شغل الذباب الإلكتروني ليختتموا المسرحية الهزلية بفيلم وثائقي أقل ما يقال عنه إفتضاحيا ولا يصدقه طفل.
الفيلم عبارة عن خليط غير متجانس من عدة تهم لا تنسجم مع بعضها بأي حال .
في البداية تطالعنا لقاءات مع الأبطال الأشاوس حراس الفضيلة ومقتحمي غرف نوم النساء ودواليبهن ، غالبية ألقاب المتحدثين برتب عسكرية هاشمية ، وعلى رأسهم سلطان زابن صاحب فضيحة خطف وابتزاز النساء في تقرير منظمة مكافحة الإتجار بالبشر .
في الخلفية صورة لجثة رجل منثور فوقها بطريقة مبتذلة عملات ورقية من فئة الخمسمئة والألف،
وصوت مصاحب برخص المرتزقة ، لا اعرف حقيقة صاحب اللقطة الذي اقترح بأن نثر مال فوق جثة إنسان وتصويرها بدون مراعاة لحرمة الموتى عمل إبداعي او إسقاط فلسفي !!!
لقطة لمكالمة على قناة اليمن اليوم لشخص مجهول انتحل شخصية صحفي مؤتمري يقول “وينهم السودانيبن يجوا ندي لهم من ثلاث اربع ” في إشارة لنساء اليمن ، كنت اتمالك نفسي كي لا اضحك ، من سيصدق أن احدهم أين يكن موقفه سيصرح بهذا علنا من على منبر محطة تلفزيونية ؟!
في حديث لأحد زبانية المليشيا في الفيلم يقول إن صنعاء تنعم بالأمن والإستقرار والرخاااااااء!!!” ايوة زي ماكتبتها الرخاء ولم يخجل !!!
الفيلم يتحدث عن خلايا استخباراتية واخلاقية وعصابات جريمة “خطف وسرقة ومخدرات” ، وهنا أنا اقتبس من الفيلم نفسه ، حاولت جاهدة ان أجد الرابط العجيب بين الثلاث المواضيع فلم أجد ، خاصة السرقة والخطف وتجارة الاعضاء بالعدوان وبقية التهم ، هل هناك من يدفع لشخص ليسرق ؟! ماذا يريد التحالف بالأعضاء ؟!

ثم جاء الموضوع الذي كنت انتظره بخوف مشهد الاعترافات هنا انفجرت بالضحك حرفيا، جابوا شوية بنات حفظوهن مايقولين غطوا صورهن وغيروا الصوت بحسب ماذكر بالفيلم ، ونص الاعترافات ” تيييت” قطعت ، البنات يتحدثن بفصاحة و بأريحية وكلام موزون وبهدوء وباليمني” ولا كأن في البلسة بلس” ، كأنهن ضيفات برنامج تلفزيوني يتحدثن عن قضية ولسن مجرمات مدانات ، من ظهرن بالفيديو لسن المختطفات بسجونهم ، بديهة يلتقطها حتى الغبي .

الاعترافات خبط عشواء فهن يسافرن للحبشة ومصر وماليزيا لممارسة الدعارة مع دبلوماسيين عرب – يتحدثن بثقة وكأنهن نجمات هوليوود – ، وهن كذلك مدمنات مخدرات ، ومصابات بالإيدز ، وتاجرات مخدرات ، ويتعلمن بمنظمات المجتمع المدني شفط الأجنة، ويجهضن أنفسهن ، ثم هن اللواتي يبعن اعضائهن من الجوع ، وفي نفس الوقت شبكات الدعارة والتجسس هي نفسها مجرد مجموعة لصوص حقائب ولكهنم أيضا يختطفون النساء والأطفال ، ومع هذا يستلمون مبالغ طائلة من العدوان كما اسموه .
خلطة عجيبة وكوكتيل يسبب التسمم لمن يتجرعه على مضص .

في مشهد بوليودي ختامي بائس يفتقر حتى للخيال صوروا مكان ما على أنه إصلاحية السجن المركزي ، والمكان اقرب لمنزل كبير ، البنات يتحركن بنفس الأريحية ، هناك من يقوم بخدمتهن ، ويقدمون لهن الفواكة ، يدرسن ويتخرجن من الجامعة في مشهد يوتوبي ، غير موجود حقيقة إلا لو قصدهم السويد، احداهن تقول متأثرة ” مااشتيش اخرج من هنا خالص ، اهتموا بي اعظم من امي وابي ” ، ترى من هو اذا الذي سجن اوفى النعامي بلا تهم مثلا ؟! واولئك الذين يخرجون من سجون مليشيا الحوثي مجانين او مشوهين او معاقين او جثث ، ترى من الذي عذبهم وقتلهم ، طالما سجونهم خمسة نجوم ؟! إذا من الذي اغتال الصحفي محمد العبسي بالسم ، وحرق جسد الطبيب الصيدلي منير الشرقي بالاسيد ؟!

الفيلم موضوعيا بلا أي قيمة خال من المضمون وليس هناك أي أدلة حقيقة لكل التهم المطروحة فيه .
أما فنيا فحشد فيه الحوثي ما استطاع من صناعة الأفلام بخبرات ايرانية و من حزب الله ليحاول صناعة قصة من فراغ وجعلها تتماسك بالمؤثرات .
يبدو الفيلم #خطوط_حمراء موجها للداخل للالتهاء بقضايا هامشية مفبركة عن الجوع ، والهزائم النفسية ، وعن جرعة جديدة بدأت برفع أسعار المشتقات النفطية.
كما أنه رسالة تهديد للمنظمات والحقوقيين ولكل العاملين بالمجال المدني ، وإرعاب كل من يفكر بالخروج للتظاهر، رسالة مفادها أن ” هووووووس” فالجميع معرض هنا لزجه في السجن بتهمة بحجم شبكات دعارة في مجتمع تتهاوى فيه سمعة أسرة أن أكملت فيه الفتاة تعليمها الجامعي.
الفيلم يضع كل أعداءه ومناوئيه في زاوية ثم يطلق النار عشوائيا كمبتدىء ، لكنه ركز بوضوح على النظام السابق وحزب المؤتمر الشعبي العام .
كما أن الفيلم حاول تصوير حالات إجتماعية تحدث بكل المجتمعات وكأنها عمل مخابراتي ممنهج يستهدف كل اليمنيين .
رددت كلمة “الروح الجهادية والجهاد ” بشكل مكثف في رسالة للتحشيد للجبهات .

يدرك الحوثيون أن بأيديهم السراب ، وأن لا حقيقة لو واحدة في كل مافبركوه ، وأن استخدام هذا العمل دوليا سيفضحهم ويعريهم ، لذا لم ينتشر هذا العمل إلا داخليا – وهم الذين يجيدون دوما إستخدام أوراق المنظمات الدولية – يدرك الحوثيون جيدا أن فتح هذا الملف سيكون وبالا عليهم ، وماهذا الفيلم المسخرة إلا خطوة استباقية لإقناع الداخل بنظرية المؤامرة ، حين يفتح الملف الحقيقي بالدلائل والوثائق وشهادات الضحايا ، ملف المختطفات من المظاهرات في 2 ديسمبر ، ملف عصابات خطف النساء والأطفال، ملف السجون غير القانونية، ملف ابتزاز النساء وذويهن وطلب مبالغ مالية كبيرة لافتداء أنفسهن رغم انهن مسجونات بلا ملف قضية حتى ، ملف منظمات الهاشميين التي استدرجت الفتيات وماحصل بين جدرانها ، ملف استخدام النساء جبرا وقهرا في الدعارة لاذلال الخصوم وضمان ولاء المتحوثين ، ملف تورط قيادات حوثية كبيرة في تجارة بيع الأعضاء ، لكنه ليس مجرد إطلاق كلام في الهواء كفيلمهم المضاد لتقرير المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، حيث اعادوا نسخ التهم من خانة مليشيا الحوثي، ولصقها في خانة التحالف ، ليس مجرد رد تلاسن ، بل ملفات حقوقية كاملة .
*** كان الإمام أحمد لروحه كل اللعنات يقول للناس ” إنهم الجن فتقطرنوا” بعد اكثر من نصف قرن جاء أولاد عمومته ليقولوا ” إنه العدوان فقطرنوا عقولكم ” .

 

spot_imgspot_img